"فارس الظل عمر الصغير" الذي هزم الكبار
فتح عينيه في عائلة
ثورية، فأبوه مناضل قديم بحزب الشعب، ورأى عمر السلاح وهو طفل يتداوله
أفراد عائلته، لذلك لم يخف من التعامل معه وكان يحمله من منطقة الى أخرى
من دون خوف، إضافة الى الرسائل والوثائق، كان الطفل صاحب الثانية عشر عاما
صاحب المهمات الصعبة التي لا يقدر عليها الكبار. وكان ابن الجميع يدفع
بنفسه الى الخطر، لذلك سمي بـ »فارس الظل«
»أغرب من الأسطورة«،
لا يمكن لمن لم يعشها ان يصدقها، إنه الرجل الصغير الذي لم يقل التزامه
بالثورة عن التزام باقي المناضلين، وهكذا ضمه خاله ياسف سعدي الى صفوف
الفدائيين وكان تحت إشرافه المباشر.
بدأ الصغير عمر نشاطه في مارس 1956
بعد أن ترك مقاعد الدراسة لظروف قاهرة، كما برع هذا الصغير في التغلغل في
كل مسالك القصبة حيث يعرفها »زنقة بزنقة« ويعرف مخارجها ومخابئها التي لا
يعرفها أحد.. كان يمشي في عجالة ويتكلم بعجالة أيضا وتظهر براءته في
ضحكاته المتصاعدة.
ويضيف ياسف في حديثه لـ : »لقد كان يرتدي دوما
قميصين صوفيين ثقيلين، وعندما كنت أسأله عن هذا العناء كان يرد حتى لا
يألمني ضرب العسكر الفرنسيين عندما يمسكونني«.
حاول عمر تجنيد أصدقائه
الاطفال باعتبار زعيما يحترمونه، كما كان يكلف بمهمة سبر الآراء حول تأييد
الشعب للثورة، وكان يحاول رفع معنويات البعض، كما كان له دور في الاتصال
بالنساء اللواتي انضممن إلى العمل الفدائي..
عمل عمر أيضا في جمع
المعلومات وفي إرشاد المجاهدين في تنقلاتهم.
عاش الصغير وهو يحمل كرها
لا مثيل له للعسكر الفرنسيين، إلى درجة أنه كان يتمنى حتى قبل موته بقليل،
إطلاق النار عليهم بالرشاش الذي كان يحسن استعماله، حسبما كان يؤكده.
لم يعرف هذا الصغير كباقي أترابه، المراهقة ولا رغد العيش ولا اللعب، بل لم ير سوى النار والدم، رأى كأي رجل كبير قبح المستعمر.
استشهد
البطل عمر في 8 أكتوبر 1957 إثر تفجير مخبئه، وكان بطلا لم يفكر في
الاستسلام بقدر ما كان يفكر في الجنة التي طالما كان يسأل أمه عنها، فرحم
الله جميع الشهداء.