وكي لا يكون كلامي دون فتاوى من شيوخ اعلم منا بايات الله واحاديث رسوله عليه افضل الصلاة و السلام بحثت قليلا عن هذا الامر
فضيلة الشيخ نرجو منكم توجيه نصيحة لمن يزور القبور، ويدعو الأموات، وينذر لهم ويستغيث، ويستعين بهم؛ لأنهم كما يزعم أولياء الله.
نصيحتنا لهؤلاء وأمثالهم: أن يرجع الإنسان إلى عقله وتفكيره؛ فهذه القبور التي يُزعم أن فيها أولياء تحتاج:
أولاً: إلى إثبات أنها قبور؛ إذ قد يوضع شيء يشبه القبر ويقال: هذا قبر فلان كما حدث ذلك، مع أنه ليس بقبر .
فأنت أيها الإنسان حكّم عقلك، فهذه الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها لابد أن تتحقق وهي:
أ- ثبوت القبر .
ب - ثبوت أنه ولي .
ج - الزيارة لأجل الدعاء لهم . فهم في
حاجة إلى الدعاء مهما كانوا؛ فهم لا ينفعون ولا يضرون، ثم إننا قلنا: إن
زيارتهم من أجل الدعاء لهم جائزة ما لم تستلزم محظوراً .
أما من زارهم ونذر لهم وذبح لهم أو استغاث بهم - فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة؛ يكون صاحبه به كافراً مخلَّداً في النار .
ما حكم كلمة مدد يا رسول الله؟ وما حكم زيارة الأولياء الصالحين مثل مقام سيدنا الحسين في القاهرة؟ مدد يا رسول الله جائزة إذا كان الهدف منها أن يكون المدد في
عمل الخير بـل يقويه الله عليه ببركة رسول الله وزيارة أولياء الله
الصالحين في قبورهم جائز ومستحب كزيارة القبور العادية لقوله صلى الله
عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا تزورها فأنها تذكركم الآخرة). وكذلك
زيارتها للتبرك جائز لقوله تعالى: {ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا
هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا
والآخرة} أما إذا أنهم ينفعون ويضرون فهذا لا يجوز وغالباً هذا لا يحدث
بعد تقدم الناس في معرفة حقيقة الدين.
السؤال: بارك الله فيكم في سؤال المستمع محمد الطيب يقول ما حكم زيارة الأولياء سواءٌ كانوا أحياء أم أموات نرجو الإفادة؟ الجواب
للشيخ ابن عثيمين
الشيخ: كلمة الأولياء لا ينبغي أن نطلقها إلا على من تحققت فيه الولاية
التي بينها الله عز وجل في قوله (ألا إن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم
يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) وليست الولاية بالدعاية أو بملابس معينة
أو بهيئةٍ معينة ولكنها بالإيمان والتقوى وكثيرٌ ممن يدعي الولاية يكون
دجالاً كذاباً يدعو إلى تعظيم نفسه وإلى سيطرته على عقول الخلق بغير الحق
فمثل هذا لا يستحق أن يزار ولا أن تلبى دعوته حتى يستقيم على أمر الله
ويرجع إلى دين الله ويسلم الناس من شره ودجله وإذا عرفنا أن هذا الرجل من
المؤمنين المتقين الذي لا يزكي نفسه ولا يدعي الولاية كان له حق على
إخوانه المسلمين أن يحبوه في الله وأن يحترموه الاحترام اللائق به حتى
يكون ذلك تشجيعاً له على مضيه فيما هو عليه من الإيمان والتقوى وحثاً
لغيره أن يكون مثله في إيمانه وتقواه وأما زيارة الأولياء بعد الموت كما
قال السائل فإن الأولياء الصادقين المتصفين بالإيمان والتقوى إذا ماتوا
كانت زيارتهم كغيرهم لا تختلف عن غيرهم لأنهم هم محتاجون إلى الدعاء لهم
كما أن غيرهم من المسلمين محتاجٌ إلى الدعاء له وليس في زيارة قبورهم
مزيةٌ على زيارة غيرهم من حيث النفع أو الضرر لأنهم هم بأنفسهم محتاجون
إلى عفو الله ومغفرته وليس لهم من الأمر شيء وما يفعله بعض العامة الجهلة
من التردد على قبور من يسمونهم أولياء أو يعتقدونهم أولياء للاستشفاء
بتراب القبر أو التبرك بالدعوة عنده أو ما أشبه ذلك فكل هذا من البدع بل
قد تكون وسيلةً إلى الشرك بهم ودعائهم مع الله عز وجل.
ا
حكم زيارة القبور و التوسل بالنبي ( صلى الله عليه و آله ) و أهل بيته و الأئمة الإثنى عشر و الأولياء الصالحين
الاجابة للشيخ صالح الكرباسيلقد
كتب العلماء و الفقهاء في هذين الموضوعين كتباً كثيرة و مُفصَّلة ينبغي
مراجعتها لإشتمالها على حقائق هامة جداً ، لكننا نحاول هنا و باختصار بيان
مشروعية زيارة القبور بل رجحانها و كذلك استحباب زيارة قبور الأنبياء (
عليهم السلام ) و خاصة النبي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) و الأئمة
الطاهرين من أهل بيته ( عليهم السلام ) و كذلك سائر أولياء الله .
مشروعية زيارة القبور :
إن علماء الإسلام أفتوا بجواز و مشروعية زيارة القبور ـ خاصة قبور
الصالحين ـ استناداً إلى عدد من الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة ، بل
أنهم أفتوا باستحبابها و أفضليتها ، و حتى الوهابيون منهم لم يحرموا أصل
الزيارة بل حرَّموا السفر و شد الرحال لزيارة قبور الصالحين .
أما الدليل من القرآن الكريم فقول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلاَ
تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ
قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ
فَاسِقُونَ
﴾ [1]
، و الآية تمنع النبي ( صلى الله عليه و آله ) عن الصلاة على موتى
المنافقين و القيام على قبورهم ، و مفهوم الآية هو جواز هذين الأمرين
بالنسبة لغيرهم .
و أما الدليل من الأحاديث فالأحاديث كثيرة منها :
1. عن عائشة : إنَّ رسول اللّه رَخَّصَ في زِيارَةِ الْقُبُورِ [2] .
2. و عن عائشة أيضاً : أن النبي ( صلى الله عليه و آله ) قال : " فأَمَرَني رَبِّي أنْ آتي الْبَقيعَ فَأسْتَغْفِرْ لَهُمْ " .
قلت : كيْفَ أقُولُ يا رَسُولَ اللّه ؟
قالَ : قُولي : " السَّلامُ عَلى أهْلِ الدِّيارِ مِنَ الْمُؤمِنينَ وَ
الْمُسْلِمينَ ، يَرْحَمُ اللّه الْمُسْتَقْدِمينَ مِنّا وَ
الْمُسْتأخِرينَ ، وَ إنّا إنْ شاء اللّه بِكُمْ لاحِقُونَ " [3] .
3. وَ رَوى مسلم في صحيحه : زارَ النَّبِىُّ قَبْرَ أُمَّه ، فَبَكى وَ
أَبْكى مَنْ حَوْلَهُ ... وَ قالَ : " اسْتَأذنْتُ رَبِّي في أنْ أزُورَ
قَبْرَها ، فأَذِنَ لي ، فَزُوروا الْقُبُورَ فَإنَّها تُذَكِّرُكُمْ
الْمَوْتَ " [4] .
4. كانَ رَسُولُ اللّه يُعَلِّمُهُم ـ إذا خَرَجُوا إلى الْمَقابِرِ ـ
فَكان قائِلُهُمْ يَقُولُ : السَّلامُ عَلى أهْلِ الدِّيارِ ـ أو ـ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الدَّيارِ مِنَ المؤمنينَ وَ الْمُسْلِمينَ ،
وَ إنّا إنْ شاء اللّه للاحِقُونَ ، أسْألُ اللّه لَنا وَ لَكُمُ
الْعافيَة [5] .
مشروعية التوسل بأولياء الله :
التوسل لغة من وسلت إلى ربّي وسيلة ، أي عملتُ عملاً أتقرّبُ به إليه ، و توسّلت إلى فلان بكتاب أو قرابة ، أي تقربتُ به إليه .
و الوسيلة ما يتقرّب به إلى الغير ، و الجمع : الوُسُل و الوسائل .
و التوسل إلى الله عَزَّ و جَلَّ يكون بأمور مختلفة منها :
1. بأسمائه و صفاته : قال عزَّ ذكره : ﴿ وَلِلّهِ
الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ
فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [6] .
2. التوسل بالقرآن الكريم : روى الاِمام أحمد ، عن عمران بن الحصين ، أنّه
مرّ على رجل يقصّ ، فقال عمران : إنّا لله و إنّا إليه راجعون ، سمعت رسول
الله يقول : " اقرأوا القرآن و اسألوا الله تبارك و تعالى به قبل أن يجيء
قوم يسألون به الناس " [7] .
3. التوسل بالأعمال الصالحة : قال الله جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَإِذْ
يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا
وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً
لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ
رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ
الحَكِيمُ ﴾ [8] .
4. التوسل بدعاء الرسول ( صلى الله عليه و آله ) : قال الله تعالى : ﴿ وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
[1] القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 84 ، الصفحة : 200 .
[2] سنن ابن ماجه : 1 / 114 .
[3] صحيح مسلم : 3/64 ، باب ما يقال عند دخول القبور ، السنن للنسائي : 3/76 .
[4] صحيح مسلم : 3/65 ، باب استئذان النبي ربَّه عَزَّ و جَلَّ في زيارة قبر أُمّه .
[5] صحيح مسلم : 3/65 ، باب ما يقال عند دخول القبر .
[6] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 180 ، الصفحة : 174 .
[7] مسند الإمام أحمد : 4 / 445 .
[8] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآيات : 127 - 129 ، الصفحة : 20 .
[9] القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 88