بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
الحمد لله الأول الآخر الباطن الظاهر الذي هو بكل شيء عليم الأول فليس قبله شيء الآخر فليس بعده شيء الظاهر فليس فوقه شيء الباطن فليس دونه شيء الأزلي القديم الذي لم يزل موجودا بصفات الكمال ولا يزال دائما مستمرا باقيا سرمديا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وعدد الرمال وهو العلي الكبير المتعال العلي العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا .
هكذا افتتح ابن كثير يرحمه الله كتابه " البداية والنهاية " و تأملوا كيف كانت نخبة هذه الامة تقدر الله سبحانه وتعالى حق قدره وتجله حق جلاله وتعظمه حق عظمته.
من مدة ليست باليسيرة وأنا أفكر في سرد هذا الموضوع . يساورني غضب شديد بسبب هول ما أود طرحه و نقاشه ويخالجني حنق مرير لسكوت أغلب الدعاة والعلماء عن هذا الموضوع الخطير الذي يمس لب العقيدة وصلب الدين , أقدس المقدسات و أهمها وأعظمها .
قامت الدنيا ولم تقعد بسبب الرسوم الكاركاتورية ومنع المِآذن ومنع الحجاب و.وو.....جيد جدا لكن هذا الأمريحصل في البلاد الغربية البعيدة نسبيا وليس غريبا أن يصدر عنها وعن شعوبها الكافرة ما صدر.
لكن أين نحن مما يحصل في بلادنا ومجتمعاتنا وبين أظهرنا ؟
ظاهرة شنيعة شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير حتى أصبحت في بعض البلاد الاسلامية حالة عادية لاتهتز لها أفئدة ولا يلقى لها بال ولا تدق لها نواقيس خطر, أتدرون ما هذه الظاهرة ؟ انها ظاهرة سب الله وسب الدين جهارا نهارا.
فمنهم من اذا استشاط غضبا أول ما يفعله سب الله أو الدين ومنهم من اذا خاصم طغىوتجبروسب الاله والملة والدين حتى أن منهم من اذا سروانفتحت نفسه أول ما التقى بفلان خليله وصاحبه بادره ممازحا اياه بسب الله أوالدين أو سبهما معا .
لست أبالغ فيما أخبركم به فوالله الذي لا اله الا هو انه لخبر صادق ونبأ يقين واسألوا من عاش ويعيش في تلك البلاد.
نعم انها تلكم المصيبة, التجرؤ على العظيم الجليل وعلى دين الخليل وتعظيم الطاغوت الذليل وتبجيل قانونه الوضيع , فترى الفرد منهم يهاب مجرد الاشارة أو التلميح لشخصيات الحكام والملوك والأمراء بينما لا يتوانى ولايتردد عن سب ملك الملوك جبار السماوات والأرض جل في علاه , لا لشيء الا لأن هؤلاء الطواغيت يتعاطون مع الطاعن فيهم وفي سياساتهم وفي شركقراطياتهم بأقصى العقوبات وبشتى أنواع التعذيب والتنكيل والتعزيربخلاف جريمة سب الرب وملة ابراهيم الحنيف .
الصد عن الدين والحرب على الصالحين ومآزرة المجرمين هذه سياساتهم وهذه مسطرتهم وهذا نهجهم , هذا واضح وضوح الشمس لا لبس فيه , لكن مابال شعوب البلاد الاسلامية ؟ أوصل بها الأمر الى هذا الحد ؟ حتى أنك لتجد المرء يحافظ على الصلاة جماعة , يصوم ويتصدق مدعيا حب الله وحب رسوله لكن ما ان تصبه نازلة أو يسيطر عليه الغضب تضيق نفسه وينفرط عقده , تجتاله الشياطين فينقلب على وجهه سابا الرب الجليل والدين القويم خاسرا الدنيا والآخرة .
نعم نسوا الله فأنساهم أنفسهم , عاثوا فسادا في الأرض , استحسنوا الرذيلة , انتهكوا محارم الله , تعدوا حدوده , حاربوا الله ورسوله , أطاعوا ساداتهم وكبرائهم في بعض أو في معظم الأمر,غفلت قلوبهم عن ذكر الله,اتبعوا أهوائهم, تساهلوا واستهتروا الا ما رحم ربي , ولم يستصيغوا قولة" ان المعاصي بريد الكفر" فكان أمرهم فرطا وكانت تلكم النتيجة حتىصاروا أشد على الرحمان جرأة و عتيا من المشركين, اليهود, والصليبيين.فتحقق فيهم قول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم حين أخبر عن فتن آخر الزمان وكيف أن الرجل يصبح مؤمنا ويمسي كافرا و يمسي مؤمنا ويصبح كافرا.
نعم اشتد الكرب وعظم الخطب , تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا, هذا أن ادعت اليهود والنصارى للرحمان ولدا , فكيف بمن يمد عنقه بشتم الرب والدين مدا.
وما يعصرالقلوب و يزيد الآفة شناعة والخطب جللا هو أنك تكاد لا تجد أحدا ينكر لا بيد ولا بلسان ولاحتى بقلب .عمت البلوى فصار الأمر لا يعدو كونه شيئا يسيرا عاديا لا تهتز له نفوسهم ولا تشمئز منه قلوبهم , وصدق عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل رضي الله عنه حين سأله أحدهم قائلا "هلكت ان لم آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" فرد عليه فقال "هلكت ان لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر"وكذلك مرجئة هذا العصر أصحاب الألقاب ممن يتسمون بالعلماء والدعاة الساكتين عن الحق الذين باعوا دينهم بدنياهم وآخرتهم بؤولاهم وسارعوا في سلاطينهم وحكوماتهم راجين عطفهم ورضاهم, انصرفوا الى الحديث عن الفقه وأحكام الطهارة والغسل ودم الحيض والنفاس فانشغلوا وشغلوا الناس بالمهم وتركوا الأولى والأهم وهي العقيدة وكيف تصح وتصان وتسلم , وسلموا الأمة للشيطان بادعائهم زورا وبهتانا أن من قال لا اله الا الله لا تسطيع ان تقول فيه شيئا وان فعل ما فعل ومهما كان .
نعم لا تسلم عقيدتك يا من تصلي وتصوم وتتصدق وتحج وتقوم وأنت تصول وتجول سابا الله رب العالمين أو الدين القويم دين الرسول الأمين , ولا يغرنك ما قد تأتي به من عمل مهما بلغ ما بلغ فكما أن الرقم 1 اذا ضرب في 0 يساوي 0 فان 100مليار ترليون في 0 تساوي 0 لعلك تفهم قصدي وان لم تستوعب كلامي فتدبركلام العزيز الجبار" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه "
قد تقول كيف تستدل بمثل هاته الآية وهي تتحدث عن الكفاروعن حالتهم اذ تتحول أعمالهم الى سراب أو بعبارة أوضح الى لا شىء؟
أو تظن أنك تبقى على ملة الاسلام وفي دائرة من تشمله رحمة الرحمان اذ تطاولت بالسب على العزيز المنان أوبالشتم على دينه الذي جاء بالحق والبرهان , ان كنت تتوهم كذلك فحقيق أنك غافل غفلان و أغبى ما رأيت وما سمعت و ما كان . فوقعت في محيط من وصفتهم آية من آيات الرحمان : " ثم لم تكن فتنتهم الا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين .انظر كيف كذبوا على أنفسهم . وظل عنهم ما كانوا يفترون "
اعلم أنّ ساب الله أو الدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم أ كان رجلاً أو امرأة كافر مرتد تَبِينُ عنه زوجته ويفرق بينهما إن كانت مسلمة وتبطل ولايته ويحبط عمله كلّه وهو في الآخرة من الخاسرين وفي جهنم من الخالدين إن مات على ذلك , ولا يغسل ولا يكفن و يجب ألا يُدفن في مقابر المسلمين فأمه هاوية وما أدراك ماهية نار حامية مع فرعون وهامان وكل كانوا ظالمين ؛ سواء فعل ذلك مازحاً أو جاداً، سواء قصد أولم يقصد, و سواء استحله أو فعله في حال الغضب أو الهدوء، ودمه وماله حلال والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى:
{ إنّ الذين يُؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً}:
فهاته الآية الكريمة جمعت لك يا من تتجرأ على خالقك ورازقك, بين اللعن وهو الطرد عن رحمة الله وبين العذاب المهين الذي لايجازى به الا الكافر المشرك الشرك المبين , وهذان الوعيدان لم يردا في القرآن الكريم الا في حق الكفاروالمشركين والمرتدين .
فاذا كان مجرد الاستهزاء بشيء من الدين أو بشيء من تعاليم الصادق الأمين يوجب الكفرالمبين فكيف بمن يلعن ويشتم ويهين .
قال تعالى"{ولئن سألتهم ليقولن: إنّما كنا نخوض ونلعب قل: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم:
يقول ابن كثير رحمة الله عليه في تفسير هاته الآية الكريمة
وقال عبد الله بن وهب: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قُرائنا هؤلاء، أرغبَ بطونا، ولا أكذبَ ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء. فقال رجل في المسجد: كذبتَ، ولكنك منافق. لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن. قال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقا بحَقَب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَنكُبُه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } انتهى كلامه رحمه الله .
يقول احد الشيوخ الأجلاء استنباطا عن احدى الفتاوى لشيخ الاسلام ابن تيمية بتصرف حول هذه الآية جزاه الله عنا خير الجزاء :
فهذا نص قاطع بأن المستهزئ بالله أو بشيءٍ من دينه أو برسوله كافر مرتد بعد إيمانه، فسبّ الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم والطعن في الدين من باب أولى ، سواء كان جداَ أم عن هزل ولعب، إذ هذه الآيات نزلت في قومٍ كانوا قد خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم للجهاد في غزوة تبوك فصدر منهم بعض الاستهزاء بصحابته القراء.. فلما نزلت فيهم هذه الآيات أخذوا يعتذرون من النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: (إنما كنا نتحدث حديث الركب - أي المسافر - نقطع به الطريق) أي: إنما كنا نتمازح ونلعب لنقطع بذلك تعب السفر وطوله ولم نقصد بذلك أو نتعمد أو نعتقد الكفر، فلم يقل الله لهم: كذبتم بل تعمدتم أو اعتقدتم ولذلك كفرتم.. بل قال: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } أي: بفعلكم هذا ولو لم يكن عن اعتقاد أو تعمد الخروج من الدين .
فكفّرهم سبحانه لما صدر منهم ذلك رغم أنهم كانوا يصلون ويصومون وقد خرجوا للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فليحذر المسلم إن كان حريصاً على سلامة دينه من هذه المهالك وأصحابها.
ولا يجوز أن يقول؛ أنا ولله الحمد لا أسب أو أطعن أو أستهزئ بشيءٍ من دين الله ثم يُجالس ويُؤاكل ويُقاعد ويُلاعب ويُمازح ويُرافق من يفعل ذلك ويبش في وجهه أو يكرمه.. بل الواجب أن يزجره وأن ينهاه ويُظهر الغضب في وجهه، وإن كان مجالساً له فليُفارقه إن لم يقدر على إنكار ما فيه من طعن أو سبّ في دين الله وإلا كان شريك أهله بالكفر عياذاً بالله، قال تعالى:
{وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إنّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعاً}.
وتأمل كيف هدد الله المنافقين الذين يسمعون مسبته ومسبة دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم من الكفار ثم لا يُفارقونهم أو يُنكرون عليهم بل يُجالسوهم ويُؤاكلونهم ويُقاعدونهم، فالله يتوعدهم بأن يجمعهم كذلك في جهنّم جميعاً.
فليحذر المسلم على دينه من هذه الجريمة النكراء وأهلها الذين يسبون ويُبارزون ويُحاربون خالقهم ورازقهم ليل نهار، مع أنّ نعمه عليهم ظاهرة وباطنة لا تُعدّ ولا تُحصى وخيراته تتنزل عليهم ليل نهار، بينما في المقابل يهتفون ويُغنّون ويُصفّقون ويُتابعون جلاديهم من كفرة الحكام المحاربين لدين الله المعطّلين لشريعته المحكّمين والمشرّعين للقوانين الوضعية الكافرة، والذين يسومونهم سوء العذاب ولا يأتيهم منهم إلا كلّ ذل وهوان وأكل للأموال ونهبٍ للخيرات.. فسحقاً سحقاً لمن بدّل وغيّر, انتهى كلامه بارك الله فيه .
فمن يجبرك على سب الله أوالدين يا من تفعل ذلك الا أنك قد شرحت بالكفر صدرا وأنك سافل منحط وغوي مبين قال تعالى : " من كفر بالله من بعد ايمانه الا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان. ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عّذاب عظيم , ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة , وأن الله لا يهدي القوم الكافرين , أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون "
فجدد الشهادة وتب الى الله وعد عما أنت قائم عليه من السب وارجع عما أنت عليه من الغي واجعلها توبة نصوحا لا عودة بعدها. والا تفعل تكن ممن قال رب العزة فيهم " ان الذين آمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم و لا ليهديهم سبيلا . بشر المنافقين بأن لهم عدابا أليما "
هذا بيان للناس و بلاغ لكل مسلم غيور على دينه محب لله ورسوله وللمؤمنين فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الفاسقين ولا تسكت وتخجل و تتردد في الذب عن الدين وكن لقومك من الناصحين وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة واستعن بالقوي المتين , خاصة ان كنت من قاطني تلك البلاد فبلغ قومك قدر ما تستطيع وانههم وبين لهم وذكرهم , لعل الله يهدي بك أٌقواما غفلواوضلوا ويحسبون أنهم مهتدون واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة , فليبلغ القريب البعيد والشاهد الغائب والحاضر المسافر معذرة الى ربكم ولعلهم يرجعون ." اللهم قد بلغت اللهم فاشهد " " اللهم قد بلغت اللهم فاشهد " " اللهم قد بلغت اللهم فاشهد..........." والحمد لله رب العالمين .
تم بفضل من الله وتوفيقه .
,