عندما يفقد الطفل أحد والديه
ماما! فين بابا؟ بابا! فين ماما؟ هذا هو أصعب سؤال ممكن أن يوجه إلى أحد الوالدين عند فقدان الآخر. فى الأفلام القديمة كنا نرى أن الأم تقول لطفلها أن والده مسافر، ثم يسمع الطفل بالصدفة البواب وهو يتحدث إلى بائع اللبن ويقول له أن الأحوال قد تغيرت بعد وفاة صاحب البيت، ينزعج الطفل ويجرى.
قد لا يكون هذا هو الحال الآن لكننا لا زلنا نجد بعض الأهالى يخفون عن الطفل حقيقة وفاة أحد والديه. لكن الوفاة تحدث طوال الوقت وعندما يكون المتوفى هو أقرب الناس إلى الطفل كوالده أو والدته، يجب أن نعرف ماذا نقول له.
من بين القصص المؤثرة قصة طفل فقد أباه الذى كان يعشقه وهو فى السادسة من عمره. ومثل الأفلام القديمة، أخبرته أمه أن أباه مسافر لفترة طويلة جداً. استنكر الطفل ذلك لأنه كان قريباً جداً لأبيه، لم يصدق أن أباه يمكن أن يختفى هكذا دون أن يخبره. أول ما خطر بباله أنه قد ارتكب خطئاً فاحشاً أغضب والده منه وجعله يرحل دون أن يخبره.
بدأ الأطفال فى المدرسة يقولون له أنه يتيم، ثم سمع أمه بالصدفة تقول فى التليفون أن ابنها يجهل وفاة أبيه. صُدم الطفل بشدة ولكنه لم يجرؤ على مصارحة أمه بما عرف وظل الطفل كابتاً هذه الصدمة بداخله لمدة 6 سنوات متحملاً وحده آلامه ولم يستطع أن يخبر أمه أنه يعرف الحقيقة.
تقول د. طاهرة هوك – أخصائية اجتماعية ومحاضرة فى علم الحوار بكلية البنات بجامعة الأمير سلطان الأهلية بالرياض بالمملكة العربية السعودية: إن إنكار الموت يعنى ببساطة الهروب من حقيقة من حقائق الحياة. عندما نخفى على الطفل حقيقة وفاة أحد والديه لحمايته، نحن بهذا نحرمه من حقه فى الحزن عليه والتعامل مع هذا الفقدان.
وتضيف د. طاهرة أن الإنسان يجب أن يأخذ بعض الوقت فى التفكير من أجل استيعاب وتقبل الوفاة على أنها حقيقة فى الحياة لا مفر منها قبل أن يواجه بها بالفعل بفقد أحد القريبين إليه.
وتوضح د. طاهرة قائلة: تحدثى مع أطفالك عن الوفاة قبل أن تحدث حالات وفاة فى الأسرة. من الصعب أن تشرحى لطفلك شئ أنت نفسك لا تفهمينه، والأصعب أن تفعلى ذلك وأنت نفسك مجروحة وحزينة.